المشاركات

"اللاشَمية": حين يختفي عالم الروائح | دليل لفهم فقدان حاسة الشم

S24News

"اللاشَمية": حين يختفي عالم الروائح | دليل لفهم فقدان حاسة الشم - S11News

حاسة الشم هي أكثر من مجرد رفاهية؛ إنها جزء حيوي من نسيج حياتنا. هي التي تحول الأكل إلى متعة، عبر ارتباطها الوثيق والمباشر بحاسة التذوق. كثيرًا ما يعتقد الأشخاص الذين يفقدون حاسة الشم أنهم فقدوا حاسة التذوق، لكن في الواقع، هم فقدوا المكون الرئيسي للمتعة بالطعام.

ليست المتعة وحدها، بل هي نظام إنذار مبكر يحذرنا من دخان الحريق، تسرب الغاز، أو طعام فاسد. وهي أيضاً آلة زمن سحرية تعيدنا إلى ذكريات دافئة بمجرد أن نستنشق رائحة معينة، كرائحة مخبوزات ارتبطت بطفولتنا.

لهذا السبب، عندما تضعف هذه الحاسة أو تختفي (فيما يعرف طبياً بـ "اللاشَمية" أو Anosmia)، فإن التأثير يمتد إلى ما هو أعمق من مجرد "عدم القدرة على الشم".

 

لماذا يحدث فقدان الشم؟ الأسباب الشائعة

 

الأسباب تتراوح من البسيط والمؤقت إلى الأكثر تعقيداً وديمومة.

1. الأسباب المؤقتة (الأكثر شيوعاً):

في أغلب الأحيان، يكون السبب مؤقتاً وقابلاً للعلاج. تشمل الأسباب الأكثر شيوعاً ما يلي:

نزلات البرد والتهابات الجهاز التنفسي العلوي.

الحساسية الموسمية أو الدائمة.

التهاب الجيوب الأنفية (الحاد أو المزمن).

في هذه الحالات، يعود الشم عادةً مع زوال الالتهاب والاحتقان الذي يمنع الروائح من الوصول إلى مستقبلات الشم.

2. العوائق الميكانيكية:

أحياناً، يكون السبب "ميكانيكياً" داخل الأنف، مثل:

السلائل الأنفية (Nasal Polyps): وهي أورام حميدة تسد ممرات الأنف.

انحراف الحاجز الأنفي: الذي قد يعيق تدفق الهواء.

3. العوامل الخارجية والأدوية:

قد يتأثر الشم بسبب:

التدخين.

التعرض للمواد الكيميائية السامة أو الملوثات البيئية.

استخدام الكوكايين.

الآثار الجانبية لبعض الأدوية (مثل بعض المضادات الحيوية، أدوية ضغط الدم، أو بخاخات الأنف التي تحتوي على الزنك).

 

متى يكون فقدان الشم علامة تحذيرية؟

 

في حين أن ضعف الشم طبيعي مع التقدم في السن (خاصة بعد سن الستين)، إلا أن الفقدان الدائم أو المفاجئ قد يكون مؤشراً لحالات أكثر جدية:

إصابات الرأس: يمكن أن تؤدي صدمة الرأس إلى تلف الأعصاب الشمية.

العلاج الإشعاعي: العلاج الإشعاعي للرأس والعنق قد يتلف المستقبلات.

الأمراض العصبية: في حالات نادرة، قد يكون فقدان الشم مؤشراً مبكراً لحالات عصبية مثل مرض باركنسون، مرض الزهايمر، أو التصلب المتعدد.

حالات نادرة أخرى: مثل أورام الدماغ، السكري، أو اضطرابات الغدد الصماء.

 

التشخيص وخطة العلاج

 

العلاج يعتمد كلياً على تحديد السبب الجذري. لا يوجد "دواء واحد" سحري لإعادة حاسة الشم.

لتحديد السبب، سيقوم الطبيب بمراجعة تاريخك الطبي، سؤالك عن الأعراض، وإجراء فحص بدني. قد يتطلب الأمر فحوصات إضافية مثل:

اختبارات الدم: لاستبعاد نقص الفيتامينات أو المشاكل الهرمونية.

التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan) أو الرنين المغناطيسي (MRI): لرؤية بنية الأنف والجيوب الأنفية والدماغ، والبحث عن سلائل، أورام، أو انحراف في الحاجز.

بناءً على التشخيص، يكون العلاج:

للالتهابات أو الحساسية: مضادات حيوية أو أدوية الحساسية ومضادات الاحتقان.

للسلائل أو انحراف الحاجز: قد تكون الجراحة هي الحل.

للآثار الجانبية للأدوية: قد يناقش الطبيب إيقاف الدواء المسبب أو تغييره.

 

متى يجب زيارة الطبيب؟

 

لا تتجاهل الأمر. إذا استمر فقدان الشم لديك لفترة أطول من نزلة البرد، أو إذا حدث فجأة دون سبب واضح، فاستشر طبيبك.

تنبيه هام: توجه إلى الطوارئ فوراً إذا كان فقدان الشم مصحوباً بأعراض عصبية خطيرة أخرى، مثل الدوخة الشديدة، صعوبة في الكلام، تشوش الرؤية، أو ضعف مفاجئ في العضلات.

 

About the author

S24News
​حسان الضويحي، طبيب جراح ومؤسس "Syria24News". أجمع هنا بين دقة الجرّاح وشغف الباحث لتقديم محتوى معمّق وموثوق عن سوريا تاريخاً ومجتمعاً.